كنت في غاية الانشكاح و انا لابس الروب الأسود و الزعبوط في حفلة التخرج من الجامعة. كنت حاسس زي ماكون حسام حسن و بستلم كاس الامم الافريقية ايام ما كنّا لسة بناخده بدل الخوازيق اللي عمالين ناخدها بقالنا ٥ سنين! اتخيلت أني سامع الحاجة ياسمين الخيام و هي بتغني أغنية ماتشات الكورة "المصريين اهمه حيوية و عزم و همه". طبعاً لازم احس بالسعادة بعد البهدلة اللي اتبهدلتها لحد ماخدت الماجستير في أسواق المال و إدارة الاستثمارات المالية. و اللي زاد و غطي أني كمان كان عندي وظيفة مستنياني في احدي عواصم المال العالمية، يعني مفيش بعد كدة....مش ناقص الا العروسة، يا فرحتك بيا يامّه!
ابتديت الشغل و عدت الأيام و لقيت مديري بيقوللي انهم عايزين يبعتوني مصر علشان ادرس الاسواق المالية هناك و أعملهم تقرير عن الفرص الاستثمارية ...و طبعاً ده مش علشان سواد عيوني..ده كان علشان انا ابن البلد و بتكلم عربي! طبعاً وافقت بلا تردد! أهو برضه اقعد مع اهلي شوية و أعالج الحنين الجارف للبامية و الملوخية و الكوسة المحشية!
حالة السعادة اللي كنت فيها في الطيارة ماتأثرتش حتي بعد الأخت الفاضلة المضيفة ما دلقت عليا الشاي و القهوة و البيبس و حدفت الاكل في حجري و بوظتلي هدومي و بعد كدة زعقتلي أني كنت السبب في ده لأَنِّي كنت قاعد غلط علي الكرسي. كنت في منتهي الأسف لما جالي مساعد الطيار و وبخني و طلب مني أني اروح اعتذر للاخت المضيفة لأن نفسيتها وحشة جداً بعد اللي "انا" دلقته علي روحي!
و صلت ارض الوطن و بدأت ارتب لقاءات مع الشركات المتعاملة في البورصة علشان افهم طبيعة السوق و استكشف فرص الاستثمار. رحت اول شركة و قعدت مع احد المسئولين فيها.
انا : يا تري ايه اهم القطاعات النشطة في السوق المصري؟
المسئول: قطاع الأمن المركزي
انا : أفندم؟
المسئول: يا باشمهندس قول يا باسط...قطاع ايه و زفت ايه؟ احنا شغالين بالبركة
انا : ازاي يعني؟
المسئول : يعني الحاج صاحب الشركة بيعمل صلاة استخارة كل يوم باليل و الأسهم اللي بتجيلة في المنام هي اللي بنشتغل عليها.
بصراحة ماجاليش قلب أكمِّل المقابلة. سبته و رحت علي ميعاد تاني في البنك المركزي
انا : يا تري ايه رؤية البنك المركزي لمعدل التضخم في مصر؟
المسئول : كل خير إنشاءالله
انا : ايوة يعني توقعاتكم هيبقي كام السنة اللي جاية؟
المسئول : انت عايزه كام؟
انا : يعني ايه انا عايزه كام؟
المسئول : انت راجل ضيفنا و لازم نكرمك، قول بس انت عايزه كام السنة اللي جاية و انا و رحمة أمي هعملهولك زي ما انت عايزه...عيب يا باشا ده انت بلدنا و لازم نكرمك
طبعاً بعد ما سمعت الكلمتين دول حاولت جاهداً أني أقفل بقي و امنع تدفق الريالة منه. شكرت الراجل و قلتله معلش هبقي أجيلك مرة تانية علشان جالي حموضة عنيفة بشكل مفاجئ و لازم اروح للدكتور!
طبعاً نزلت من عنده و مشيت في الشارع بلا هدف و في حالة ذهول. ماحستش بنفسي الا و انا علي باب قهوة في وسط البلد. بصراحة كان نفسي اشرب شيشة فدخلت و طلبت شيشة و قهوة و انا أقاوم رغبة عارمه في الصويت علي حال الاقتصاد في البلد. لمحت من بعيد راجل قاعد و حوالين ناس كتير و هو منهمك في الكلام معاهم و هما عنيهم متعلقة بيه زي مايكون الراقصة الاهتزازية صافيناز قدامهم. سألت الجرسون بعد ما غمزته ٥ جنية
انا : هو مين الراجل اللي هناك ده؟
الجرسون : ده عّم منير، بييحي هنا كل يوم
انا : شكله كاتب او شاعر، صح؟
الجرسون : لا يا باشا ده بورصجي كبير اوي
انا : يعني ايه بورصجي؟
الجرسون : الناس بتديله فلوس يشغلهالهم في البورصة
انا : و يا تري بيكسب؟
الجرسون : الناس كلها بتشكر فيه، تحب يا باشا اعرّفك عليه؟
انا : مالوش لزوم، انا بس هانقل ترابيزه قريبة منه و اسمعه
الجرسون : تحت امرك يا باشا، هو صحيح الباشا بيشتغل ايه؟
انا : حلّاق
نقلت جنب عّم منير علشان اسمع بيقول للناس ايه
عّم منير : احنا باْذن المولي هنلعب علي سهم شركة الكتاكيت المتحدة بكره. انا مصادري بتقول ان السعر هيضرب في العلالي
رجل ١ : عرفت ازاي يا عّم منير؟
عّم منير : الواد ابن اختي شغّال سواق علي عربية نص نقل في سوق العبور و بيقول الطلب علي الفراخ زاد اوي الأسبوع اللي فات
رجل ٢ : طيب و سهم شركة الغول للفول اخباره ايه؟
عّم منير : لا ده فستك. الواد غندور بتاع عربية الفول اللي علي اول شارعنا بيقوللي بيجيبو فول صيني دلوقتي...
بطني وجعتني بعد لما سمعت الكلمتين دول و قمت روحت البيت. صحيت تاني يوم و معرفش ليه قلت اشوف الأسهم بتاعت عّم منير عملت ايه. اكتشفت ان اللي قاله الراجل حصل بحذافيره و أكيد كسب فلوس كتير اوي في العملية.
كلمت مديري في التليفون و قدمت استقالة شفهية و دخلت أوضتي و طلَّعت شهادة الماجستير وولّعت فيها و نزلت اقعد جنب عّم منير.
و العلم في الراس مش في الكرّاس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق