اتعلمنا في المدارس و احنا عيال (ده علي أساس ان ده كان تعليم أصلاً) ان الشعب المصري له خصائص فريدة من نوعها. شعب اصيل، طيب، كريم، خدوم، محب للغريب، متلاحم، شجاع....الخ الخ. و كان الاستاذ العلّامة الجهبذ الحاج عبد الحميد ،مدرس اللغة العربية في مدرستي الإعدادية، بيأكد ده دائماً خاصة لما كان بيطيح فينا و ينزل ضرب في اي تلميذ حظه الأسود انه وقع في ايده و هو بينخرب في مناخيره في الحصة بتاعته. كنّا بنشوف عظمة و طيبة الشعب المصري بتتجلّي قدامنا بين آهات و صراخ زميلنا اللي بيتبهدل و حرفنة الحاج عبد الحميد في تسديد
اللكمات و الركلات بشكل فني يفكرك بحرفنة محمد علي كلاي و رشاقة راقصى باليه بحيرة البجع.
اتربينا علي شعارات خليتنا نتأكد ان احنا أحسن ناس في الدنيا! و ان أصلا مفيش حد في الدنيا غيرنا! و كلام من
عينة "لو لم أكن مصرياً لوددت ان أكون مصرياً". طبعاً! العالم كله بيغير مننا و نفسه يبقي زينا.
بعدما شددت الرحال الي بلاد الفرنجة بحثاً عن تعليم و فرصة اكتساب خبرات جديدة، كانت اول مهمة أني ألاقي أعضاء من الجالية المصرية علشان اعرف اظبط أموري في اول تجارب الغربة.
الاستاذ مُحب: حمدالله علي سلامتك نورت البلد، الأخ منين؟
انا : الله يخليك، انا من وسط البلد في القاهرة
الاستاذ مُحب: أحسن ناس، و ناوي تقعد معانا علي طول ولا زيارة
انا : لسة عندي جامعة و بعد كدة هنشوف، حضرتك ايه رأيك؟
الاستاذ مُحب: بصراحة البلد هنا زي الزفت و صعبة اوي، ناس كتير زيك ماستحملوش اكتر من شهور.
انا : يا ساتر! ليه كدة؟
الاستاذ مُحب: بص انت شكلك ابن ناس وانا هقولك نصيحه لوجه الله، لو عايز تكمل في البلد دي، ابعد عن المصريين خاااالص
انا : ده علي أساس ان حضرتك من نيكاراجوا؟ طب ما انا و انت مصريين!
الاستاذ مُحب: بص يا حبيبي انا قلتلك و عقلك في راسك تعرف خلاصك....
طبعاً انا قلت ده راجل مجنون!
عدت الأيام و قابلت واحد مصري تاني...
الاستاذ موفَّق : يا أهلاً بيك يا حبيبي اتفضل اشرب حاجه
انا : أهلاً بيك
الاستاذ موفَّق : لو محتاج اي حاجه قل لي احنا اخوات في الغربة يعني
انا : الله يخليك انا كله تمام، انا عايز بس اي نصايح منك كدة تساعدني في التأقلم علي البلد
الاستاذ موفَّق : بص بيني و بينك كده، لو عايز تعيش و تنجح هنا...ابعد عن المصريين! خليك كده من بعيد لبعيد أحسن ممكن يجيبوك الارض
انا : برضه؟؟ ده الاستاذ مُحب نصحني نفس النصيحة!
الاستاذ موفَّق : يا شيخ؟ أهو انت بقي لازم تبعد عن مُحب ده بالذات! هيوديك في ستين داهية!
طبعاً انا كنت مذهول ان الكلام ده اتكرر مع تقريبا كل المصريين اللي قابلتهم و كانو بيحكولي قصص امنا الغولة عن ازاي كل واحد منهم اخد خوازيق من التاني. أومال فين بقي طيبة و حضارة المصريين؟ ما علينا...
لما لقيت الناس كلها بيخزوقوا في بعض قلت يا واد خليك في حالك و ملكش دعوة بأي حد. مذاكرة و شغل و سفر و ترحال لسنين طويلة بعد كده و كنت ابعد ما يكون عن الجالية المصرية. من نجاح الي نجاح في مجال عملي و عشت احلي ايام حياتي
خمستاشر سنة عدت و الدم حن أني أدوّر علي مصريين تاني..وحشوني. فعلا بدأت اعمل علاقات مع ناس متغربين زي حالاتي كده و كانت بصراحة أوقات جميلة و رجعولي ذكريات اجمل.
ابتسمت وانا اتذكر رحلتي مع الحياه و انا واقف في طابور استلام اعانة البطالة من الحكومة.
و مانشوفكوش فحاجة وحشة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق